تعود جذور الفنّ الاسلامي، وهو لا شكّ واحد من أبرز الفنون المعمارية في العالم، الى القرن السابع عشر، حيث التقى العالم بالزخرفات المتقنة والألوان الصاخبة التي تضخّ بالخياة وقصاصات الحجارة الصغيرة المنطوية على حكايا فنية ساحرة والحدائق الخلابة بنوافيرها والقناطر الشاهقة التي تكاد أن تطال السماء! واضافةً الى الى المدن العربية والشرق الأوسطية التي تحتضن هذه الفنون الرائعة، فبفعل الفتوحات الاسلامية والتبادل الحضاريّ تعتبر أوروبا أيضاً شاهد حيّ على الفن المعماري الاسلامي، حيث تخطف مشاهده فيها أعين السياح وقلوبهم. القي معنا نظرة!
اشبيلية- اسبانيا
لا يمكننا أن نتحدّث عن الأندلس، ارث الحضارة العربية في اسبانيا، من غير التوقّف عند اشبيلية بآلاف قصورها التي تحمل نفحة الفنّ المعماري الاسلامي والتي نجحت بادخال هذا الفن الى لائحة التراث العالمي. وفي كلّ زاوية وحيّ من هذه المدينة العريقة، تشتمين عزيزتي رائحة فنوننا العربية الاسلامية، فقناطر شاهقة تارةً وبعمارات ذات قباب ملوّنة وحدائق تعزف في قلبك آلحان الموشحات الأندلسية التي يتمسّك بها التاريخ وينحني لها.
قرطبة- اسبانيا
من المدن الشاهدة أيضًا على عراقة الفن الاسلامي هي قرطبة، التي احتضنت الحضارات الاسلامية لسنوات طويلة أيضًا، ولا يمكننا هنا الاّ التحدّث عن تنظيم المدن وتنسيقها في فصول العمارة الأندلسية الأصيلة. وفي زيارتك لقرطبة ستسمعين الجميع يتحدّث عن قصورها عربية الأصل مثل قصر الروضة وقصر المعشوق وقصر السرور، فاياك الاّ أن تمضي يومًا كاملاً تختالين بينها وتمتّعين نظرك بكلّ منحوتاتها وقناطرها وحدائقها وصالاتها الملوّنة وحمامتها الرخامية.
طليلة – اسبانيا
شخصيًا هذه المدينة سكنت قلبي من لحظة وصولي اليها، طليلة بحسب اسمها العربي أو توليدو بالاسم الاسباني الحديث، مدينة يتزاوج فيها الفنّ الأندلسي العربيّ، بالفنّ الأوروبي القديم، فكانت النتيجة بوابةً ينحني أمامها التاريخ تعلن وصولك الى المدينة ومساجد لا زال عبق التاريخ العربي يختال بينها وأزقّة ضيقة لا يمكنك الاّ أن تتوقّفي عند كلّ خطوة تمشينها فيها أمام الزخرفات القديمة والحدائق المختبئة في وسط المباني، اضافةً الى ساحات ساحرة ستتخيلين فيها السهرات الأندلسية التي يخبروننا عنها. في توليدو، عاش العرب ١٠٠ سنة وأعطوها من فنّهم وقلوبهم! ومن التاريخ القديم الى يومنا هذا، وجولة على أفخم الفنادق في اسبانيا لرحلتك المقبلة.
البرتغال
وقع جزء من البرتغال تحت حكم الأندلس، وأكثر مدينة تأثرت بالثقافة الأندلسية هي لشبونة، أو ليسبون، المدينة التي يصرّ عليك كلّ من زارها أن تحزمي حقائبك وتتوجهين اليها، لأنّ الحياة أقصر بكثير من ألا تري هذه التحفة الفنية التي تكاد أن تنطق. ولعلّ أبرز ما يميّز لشبونة من حيث تأثرها بالفنّ المعماري العربيّ هي الزخرفات المتبقية على قناطرها والحجارة الملوّنة والفسيفساء التي تزاوجت مع الفنّ الأوروبي بمبانيه وأزقّته وساحاته المربّعة ورسوم جدرانه. ولسياحتك في البرتغال هذا الدليل المفصّل من ياسمينة!
ايطاليا
رغم أن ايطاليا لم تقع تحت الحكم الأندلسي أو العثماني، الاّ أن الفن الاسلامي استطاع أن يطبع فيها أجمل تجلياته، وهنا نتحدّث تحديداً عن قلعة ساميزانو في ايطاليا، التي بناها أحد النبلاء الاسبان في القرن السابع عشر وهي عبارة عن قصر يضمّ ٣٦٥ غرفة جمعت هندستها ما بين النمطين الاسلاميين الأندلسي والمغربي ومن هنا تنبثق روعتها المترجمة في هذه الصورة. هل سبق وسمعت بالمنازل الايطالية بيورو واحد؟ اليك الحقيقة هنا.
بلغاريا
بفعل وقوع بلغاريا تحت الحكم العثماني لفترة ٥ قرون متتالية، تأثرت بكلّ ميادينها بالحضارة الاسلامية، وأهمّ ما تبقى من هذا التأثر هو العمران المتجسّد بالمساجد العديدة المنثورة في أرجاء بلغاريا والتي تعتبر أمثلة دقيقة على الفن الاسلامي من حيث الصالات الشاسعة والزخرفة المتقنة والقناطر متباينة الأحجام والأشكال. فتخيّلي أن عدد المساجد هذه يقترب من الألف مسجد كلّها شاهد على تاريخ من الفنّ الساحر.
