جمانة الدرويش لياسمينة: القلوب التي تعطي هي الأسعد

جمانة الدرويش

جمانة الدرويش

جمانة الدرويش ، سيدة أعمال ورائدة اجتماعية على صعيد الأعمال الخيرية تقيم في الإمارات، يملؤها الحماس والإيجابية وتؤمن إلى حد بعيد في قدرة المرء على إحداث فرق في مجتمعه، كما تؤمن بقوة التعليم والمساواة الاجتماعية والعدالة وتنمية وحشد المجتمع المحلي. وهنا لا بد من الإشارة أن الإمارات السباقة دائماً والتي تسعى الى تمكين المرأة كانت قدأطلقت أخيراً الوثيقة العربية لتمكين المرأة من إمارة أبوظبي

ias
صندوق السعادة في الأردن
صندوق السعادة في الأردن

كسيدة أعمال تعيش في الامارات ما كانت التحديات التي واجهتك وكيف بنيت مسيرتك المهنية؟

أمتاز بطبيعتي بقدرة على التبصر إلى جانب تمتعي بفكر استراتيجي مرن. وهي الصفات التي ساعدتني على المضي قُدمًا في مسيرتي المهنية، أسست "صندوق السعادة" و"استديو السعادة" وأتبعتهما ب"قلوب السعادة العالمية" ولم تكن لي قبل ذلك خلفية كافية على صعيد ريادة الأعمال، إذ كانت مجرد حلم أصبو إلى تحقيقه. أواجه التحديات باستمرار، ولا أعتبرها إلّا فرصًا تمهّد أمامي الطريق للنمو عوضًا عن كونها مجرد عثرات في طريقي. وأرى الأمور كما يجب أن تكون بدلًا مما هي عليه وأسخّر جميع الظروف لصالحي.

صندوق السعادة في الهند
صندوق السعادة في الهند

ما هو صندوق السعادة وكيف خطرت ببالك فكرته وما كان الحافز؟

قد تبدو إجابتي ضربًا من الخيال، إلّا أنه ومنذ نعومة أظافري، لطالما حلمت في إحداث تأثير إيجابي في هذا العالم. توليت لمدة 8 سنوات وظائف في مجال الأعمال الخيرية وعندما دخلت عالم الأمومة، شعرت بالرغبة في أن يكون لي دور أكبر في حياة الأطفال خاصة أولئك الذين لا يزالون في المراحل الأولى من نموهم، وحينها بدأت العمل على إنشاء شركات السعادة.

كان صندوق السعادة خطوة كبيرة ومفصلية، فلم يكن عالم ريادة الأعمال معروفًا كثيرًا بالنسبة لي. في عام 2014، أسست "صندوق السعادة" ليكون بمثابة مشروع اجتماعي تعليمي يوفر الفرصة لمستخدميه من متابعة شغفهم في مجال الفنون والحرف. ويتضمن هذا الصندوق تعليمات باللغتين العربية والإنجليزية، إلى جانب كافة المواد المخصصة للصغار، والتي تتيح لهم تصميم الأنشطة الخاصة بهم بأنفسهم. وأود الإشارة هنا إلى أن شركتنا هي المنتِج الحصري لـ"صندوق السعادة" ومحتوياته، حيث تصمم جميع الأنشطة بشكل نهدف من خلاله إلى تحسين مهارات الطفل المعرفية ونموه الحركي. وتجدر الإشارة إلى أننا ننصمم جميع الصناديق حسب اسم الطفل ويتم تخصيصها حسب الفئة العمرية والجنس، الأمر الذي يجعل منها تجربة ممتعة وفريدة لا تُمحى من الذاكرة.

صندوق السعادة في الهند
صندوق السعادة في الهند

بعد مرور 5 سنوات على إطلاق المشروع هل حققت أهدافك، هل أنت سعيدة؟

تطورت الفكرة التي كانت في البداية عبارة عن تجربة اجتماعية لتغدو لاحقًا الأساس الذي ترتكز عليه أخلاقياتنا في التشجيع على بث روح السعادة والتغيير الإيجابي والترابط الأسري وغرس حُب الفن والإبداع بين الأطفال وأفراد المجتمع ككل.

على مر السنين، أخذت المهمة التي حملناها على عاتقنا تنمو لتشمل دول الخليج، وتطوّر المشروع الذي بدأته في غرفتي ومن ثم إلى مرآبي ليغدو الآن "استوديو السعادة"، الذي هو مساحة مجتمعية مقرها في مركز الفنون في دبي، ويضم مصنع "صندوق السعادة" ومكاتبنا حيث نستضيف العديد من الفعاليات والتصاميم الفنية المجتمعية التفاعلية التي تخدم جميع الأعمار بمن فيهم البالغين.

أؤمن حقًا بأن كل فرد منا يشكل عاملًا من عوامل التغيير وجميعنا نمتلك التزامًا أخلاقيًا بأن نكون قوى إيجابية في مجتمعاتنا. وبأن أصواتنا وأفعالنا تعني شيئًا وبأنه يمكننا إحداث فارق ملموس ولكن لا بد لنا أولًا من أن نبدأ بأنفسنا لإحداث أثر حقيقي.

صندوق السعادةفي كينيا

ما هي المبادرات الأهم التي قمتم بها؟

عندما أطلقت "صندوق السعادة" لأول مرة، لم أتصور أن امتلك شركة لأغراض ربحية بحتة ولذلك قمت بالتخطيط لإطلاق "قلوب السعادة"، كأحد مساعي الشركة على صعيد المسؤولية الاجتماعية للشركات بمنح صناديق السعادة (وهي مجموعات مواد تعليمية) إلى الأطفال المحتاجين عالميًا بمساعدة من الشركات العالمية المسجلة والتي تحظى بقاعدة شعبية وتتسم بالشفافية في تنفيذ أعمالها. أؤمن بشدة بأن القلوب التي تعطي هي الأسعد. كانت هذه لفتة من شركتنا وطريقتنا التي اتبعناها في رد الجميل.

وبعد إنشاء "صندوق السعادة" و"استوديو السعادة" والارتقاء بهم إلى الحد المستدام وتزامن ذلك مع الذكرى الخامسة لنا، شعرت بأنني بحاجة إلى الارتقاء بمستوى "قلوب السعادة" وإضفاء الطابع الرسمي عليه من كونه مجرد مبادرة إلى مؤسسة عائلية خاصة تحت اسم "قلوب السعادة العالمية" وتتخذ من لندن مقرًا لها حيث تعمل تحت إشراف ورقابة مفوضية الأعمال الخيرية في المملكة المتحدة.

ومنذ تأسيس "قلوب السعادة" حظينا بفرصة زيارة 9 دول وإهداء الآلاف من صناديق السعادة التي تتضمن مجموعات لمواد تعليمية إلى الأطفال المحتاجين. كما أننا نأمل بأن نمتلك نهجًا تعليميًا متميزًا من حيث الاستدامة والأجل والتأثير حال إضفاء الطابع الرسمي على المؤسسة.

صندوق السعادة في لبنان
صندوق السعادة في لبنان

كيف يتم اختيار المشروع أو الجهة التي ستساعدونها، هل من جهات داعمة؟

عند اختيارنا للمجتمعات التي نعتزم دعمها فإننا نتوافق إلى حد كبير مع مؤشرات الأمم المتحدة لتطوير الدول وكذلك إلى أطر التقييم العالمية، كما نعقد شراكات مع المنظمات غير الحكومية المعروفة عالميًا وكذلك الجهات التي تحظى بشعبية كبيرة والتي تمتلك نقاط عبور في الدول، إلى جانب دعمنا أفراد المجتمع ومراقبة وتقييم الأنظمة القائمة ومدى شفافيتها من حيث البيانات المالية.

نحن حريصون جدًا على عدم التسبب بأي نوع من أنواع الأذى في أي من المجتمعات التي نعتزم دعمها وبالتالي فإننا نفرض مقاييسًا صارمة قبل الشروع في أي مشاركة خيرية. وحتى ولو أبدينا أفضل النوايا، يجب أن يكون المرء شديد الحذر نظرًا لكونها مجتمعات محتاجة وتمثل أفراد المجتمع المهمشين الذين يجب حماية رفاهيتهم في جميع الأوقات.

صندوق السعادة في لبنان
صندوق السعادة في لبنان

كيف تساعدك السوشيال ميديا في تحقيق أهدافك؟

إننا نعيش حاليًا في عصر تُهيمن فيه التكنولوجيا على حياتنا. وبالطبع، لا يمكننا التقليل من قدر قوتها وتأثيرها. والأساس في كل الأمور هو توخي الاعتدال والتوزان. كانت وسائل التواصل الاجتماعي عاملًا مساهمًا في نمو "صندوق السعادة" في مراحله الأولية وأداة رائعة لتسويق منتجاتنا وخدماتنا الجديدة. وبدورها، تتيح لنا هذه القنوات التواصل مباشرة مع الجمهور العام، والحصول على تعقيباتهم ومساعدتنا على تحسين/إطلاق منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات العملاء على نطاق أوسع. ومع ذلك، فإننا نستخدمها بحذر ومن منظور استراتيجي، إذ تتم صياغة جميع الرسائل بعناية، حيث نضع نصب أعيينا أن نكون خير مثال وقدوة للمجتمع. ومن الناحية الشخصية، استخدم هذه الوسائل بحذر كذلك، خصوصًا من ناحية المعلومات التي أنشرها حول عائلتي والأمور الشخصية.

صندوق السعادة

أخبرينا عن رحلاتك حول العالم، وماذا حققتم خلالها؟

منذ إطلاق "صندوق السعادة" في رمضان 2015، نظمنا العديد من الرحلات إلى مصر وكينيا والمغرب ونيبال والهند والكويت ولبنان إلى جانب العديد من الرحلات في الأردن وبالتحديد إلى مخيم الزعتري، حيث قدمنا آلافًا من مجموعات السعادة وكذلك صناديق السعادة إلى الأطفال المتضررين من الحرب.

صندوق السعادة

ما الأثر الذي تركته هذه الرحلات في نفسك؟

لاحظ زملائي وأصدقائي الذين رافقوني في هذه الرحلات المقدار الكبير من السعادة الذي ساورني أثناء زياراتي الميدانية إلى المجتمعات المختلفة ومقابلة الأطفال المحتاجين، سعادة لم يسبق لي وأن شعرت بها حقًا. كما أشعر أثناء تواجدي مع أفراد المجتمع بأنني في وطني؛ إذ استمتع بالتواصل معهم والتعرف على ثقافتهم وأسلوب حياتهم وكذلك أحلامهم وتطلعاتهم. وأحب أن أكون قادرة على نشر السعادة وبالمقابل أكون في أوج سعادتي عندما أكون برفقتهم. أتمنى في بعض الأحيان لو كان باستطاعتي فعل المزيد من أجلهم، ولكننا نعمل في حدود الوسائل التي نمتلكها والقيود التي تفرضها علينا الحياة وسعينا جاهدين لأن نكون أفرادًا صالحين على الصعيد العالمي. 

صندوق السعادة

هل من حادثة أو قصة عايشتها وبقيت راسخة في ذاكرتك؟

عندما كان عمري 5 سنوات، رافقت والدي الذي كان يعمل دبلوماسيًا لدى الأمم المتحدة في زيارة ميدانية له إلى السودان إلى إحدى المناطق الفقيرة. وكان لهذه الزيارة أثر كبير على حياتي سيظل يرافقني إلى مدى العمر والتي حددت من خلالها مساري التعليمي والمهني في مجال العمل الخيري والسياسة العامة. ومنذ ذلك الحين، أدركت أنه من واجبنا دعم أولئك الأشخاص الذين لم يحالفهم الحظ في الحياة وتحقيق تغيير إيجابي في حياتهم. وقد استنبطت من هذه التجربة درسًا علمني مبادئ التواضع والرحمة والعطاء. كما أنه من المهم مشاركة هذه المعرفة مع أطفالك وتشجيعهم على أن يكونوا أفرادًا فاعلين على صعيد تحقيق التغيير المجتمعي إذ يمكنهم إحداث فارق ملموس .

صندوق السعادة

هل فعلا يكمن الفرح الحقيقي في العطاء؟

السعادة هي قرار تتخذه فإما أن تصنعها أو لا تصنعها. وعاداتك هي من تصنع سعادتك الدائمة. فقد عمد الأشخاص شديدي السعادة إلى شحذ عاداتهم التي تحافظ على سعادتهم يومًا بعد يوم. ومن إحدى العادات التي انتهجها الأشخاص السعداء هي فن العطاء، وذلك بالتضحية بجزء من وقتهم وطاقاتهم لدعم المستضعفين. وثمة العديد من الدراسات التي تسلط الضوء على أهمية العطاء وبالتحديد العمل التطوعي. وكما أقول دائمًا، القلوب التي تعطي هي الأسعد. وهنا لا بد من الإشارة الى موضوعنا الذي تناول الشيخ حمدان وكشفه عن أفضل وأسوأ الجهات لإسعاد الناس في حكومة دبي.

نصيحة للمرأة العربية لتكون سعيدة:

– في العمل: آمني بنفسك فالمرأة هي المستقبل. تعي الحكومات اليوم أكثر فأكثر المساهمة القوية التي يمكن أن تقدمها المرأة للنسيج الاجتماعي والاقتصادي لبلدها. ومن هُنا، يستمر الحديث حول جهود تمكين المرأة والمساواة والإنصاف منذ سنوات ولغاية الآن، وخصوصًا في العالم العربي. وها هي المرأة العربية تكسر الحواجز على الأصعدة السياسية والاجتماعية والشخصية محليًا وعالميًا.

– في الحياة العائلية: هناك أياما أكون فيها حاضرة أكثر كأم وأيام أخرى أكون فيها أكثر حضورًا في مساحة عملي. وفي واقع الأمر، تتلخص المسألة في إيجاد نوع من التوازن، أحاول أن أكون شخصًا أفضل كل يوم وأغتنم كل لحظة في أوانها بدون وضع توقعات بعيدة عن الواقع في تحقيق كل ما أريده.

– مع نفسها: كوني صادقة مع نفسك للأبد ولا تكتفي. فالتغيير لا يأتي دفعة واحدة بل يكون على شكل سلسلة متدرجة، لذا يجب عليكِ أن تستمري بالسعي نحو تحسين ذاتك. وعليك أن تعي جيدًا بأنه لا يمكنك منح السعادة إن لم تكوني سعيدة من الداخل وإن لم يكن لديك أساس قوي صنعته بنفسكِ ولنفسكِ. 

تسجّلي في نشرة ياسمينة

واكبي كل جديد في عالم الموضة والأزياء وتابعي أجدد ابتكارات العناية بالجمال والمكياج في نشرتنا الأسبوعية