سؤال انتشر بكثرة في الآونة الأخيرة، حيث تعدّدت أقوال العلماء في حكم تركيب الرموش الصناعية، وهي شُعيراتٌ تُشبه شعر الرمش الحقيقي، تكون رقيقة الحجم، تُصنع من المواد البلاستيكيّة أو ما شابهها، وتلصق بأعلى الجفن بمادّةٍ لاصقة؛ حتى تُصبح الرموش أكثر طولاً ممّا هي عليه.
يرجع تعدّد أقوال العلماء في حكمها تبعًا لتعدّد نظرتهم لها، فمن رأى أنّها تغييرٌ لخلق الله قال بحرمتها، ومن رأى أنّها غير ذلك أجازها، لذا سنعرض لكِ كافة الآراء الفقهية تجاه هذا الموضوع.
حكم تركيب الرموش الصناعية
الرموش الصناعية لها حالتان:
- الأولى: أن تركب لإزالة تشوه ناتج عن مرض أو حرق، فهذا لا يدخل في التجميل المحرم، وإنما هو من باب إزالة العيب.
وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في اتخاذ أنف من ذهب، وأذن في التغيير إذا كان علاجا.
روى أبو داود (4232) والترمذي (1770) والنسائي (5161) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ (قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أبو داود (4170) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (لُعِنَتْ الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ مِنْ غَيْرِ دَاءٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أحمد (3945) عن ابْنِ مَسْعُودٍ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ؛ إِلَّا مِنْ دَاءٍ.
قال الشوكاني رحمه الله: “قوله: (إلا من داء) ظاهره أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين لا لداء وعلة؛ فإنه ليس بمحرم ” انتهى من “نيل الأوطار” (6/ 229). وكنا قد أخبرناكِ بالفيديو، عن الخطوات الصحيحة لتركيب الرموش الإصطناعية بطريقة سهلة للمبتدئات.

- الثانية: أن تكون الأهداب موجودة، وإنما يؤتى بالرموش الصناعية للتجميل وزيادة الحسن، فهذا يحرم لعلتين:
- أن ذلك في معنى وصل الشعر المنهي عنه.
- الضرر الذي يحصل بتركيب هذه الرموش.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (17/ 133): “لا يجوز استخدام الأظافر الصناعية، والرموش المستعارة، والعدسات الملونة، لما فيها من الضرر على محالها من الجسم، ولما فيها أيضا من الغش والخداع، وتغيير خلق الله” انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “ما حكم الرموش للتجمل بها عند الزوج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الرموش الصناعية لا تجوز؛ لأنها تشبه الوصل، أي وصل شعر الرأس، وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة).
وهذه الرموش إذا كانت مما أتصوره الآن أن يوضع خيوط سوداء كالشعر على الرموش حتى تبدو وكأنها كثيرة تتجمل بها العين، فإذا كان هكذا: فهي من الوصل الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعلته في رأسها.
أما إذا كانت الرموش بمعنى تلوين الشعر شعر الأجفان: فإنه ليس بحرام” انتهى من فتاوى نور على الدرب.
وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله: “هناك رموش للعينين صناعية ويتم تركيبها على كامل رمش العين لمن كانت رموش عينيها قصيرة، أو يتم تركيبها جزئياً في الجهة التي شعر الرموش فيها قصيراً ويتم إزالتها بعد انتهاء المناسبة كغيرها من المكياج فما حكم ذلك؟ أفتونا مأجورين.
فأجاب: الرموش هي الأهداب، أي الشعر النابت على الأجفان، وقد خلقه الله تعالى لحماية العينين من الأتربة والأقذار، ولذلك يوجد في العين منذ الولادة، كما يوجد في أغلب الدواب، وهو شعر ثابت لا يطول ولا يقصر، وإذا نتف فإنه ينبت، لكن بعض الناس قد تتألم أجفانه فيحتاج إلى نتف الشعر منها ليخف الألم. ومن هنا، قد يمكنكِ الإطلاع في السياق ذاته على كيفية تركّيب رموش على الأطراف لنظرة جذّابة.

وإذا كان كذلك فأرى أنه لا يجوز تركيب هذه الرموش على العينين، لدخوله في وصل الشعر، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة، فإذا نهي عن وصل شعر الرأس بغيره فكذلك رمش العين، لا يجوز وصله، ولا تركيب الرموش لقصر الأهداب الأصلية، بل على المرأة أن ترضى بما قدر الله، ولا تفعل ما فيه تدليس أو جمال مستعار، فالمشتبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، والله أعلم” انتهى من ” فتاوى علماء البلد الحرام” ص1209.
وقال الدكتور محمد بن عبد العزيز المسند في كتابه زينة المرأة بين الطب والشرع، ص33: “أما الرموش الصناعية والمواد التي تدهن بها الرموش الطبيعية، فيقول الأطباء: إنها مكونة من أملاح النيكل، أو من أنواع مطاط صناعي، وهما يسببان التهاب الجفون وتساقط الرموش” انتهى.
وتمنع هذه الرموش لعلة ثالثة، وهي التدليس والخداع إذا عُملت لغير الزوج، وتستوي حينئذ مع كل ما اشتمل على التدليس ولو كان أصباغا.
ختامًا، وفي سياق الحديث عن الرموش، سبق وان اخبرناكِ في السياق ذاته عن هل سنشهد انتهاء حقبة الرموش الاصطناعية إلى الأبد؟