حكاية إلهام مع ريتا إسبر

قصة ريتا اسبر

ريتا إسبر حققت الكثير رغم فقدانها لطرف من يدها

مرحبًا، أنا ريتا إسبر، وأنا وُلدت بطرف ناقص من يدي بسبب فيروس التقطته والدتي خلال فترة حملها بي. والديّ دعماني لأكون شجاعة، وكنت محاطة في طفولتي بأصدقاء يحبنوني، ولكن… آخرون تنمروا علي وجرحوا مشاعري. بكيت كثيرًا، وسألت الله لم وُلدت من دون يد، قبل أن أدرك أنني أملك صفة تميّزني عن غيري…

ias

الحياة بالنسبة لمن فقد أحد أطراف جسمه ليست سهلة، ولكنها تصبح كذلك إذا أصرّ أن ينظر إلى الجانب الإيجابي لكل ما يواجهه فيها، تمامًا كالملهمة ريتا إسبر، التي تمر بهذا الأمر منذ ولادتها، وعلى عكس ما تعتقدين، هي امرأة قوية، شجاعة، سعيدة وناجحة!

دعم والديّ هو سبب نجاحي

والدا ريتا إسبر تعاملا مع حالها بطريقة واعية، ولم يُشعراها بأنّها مختلفة عن غيرها على الإطلاق، بل العكس، بذلا ما بوسعهما لإثبات لها أنّها مثل الجميع وحتى مميّزة عنهم!

قصة ريتا اسبر
ريتا إسبر حققت الكثير رغم فقدانها لطرف من يدها

تقول إسبر “لقد ربيّاني لأكون شجاعة، وأصرّا على عدم مساعدتي خلال القيام بمهامي اليومية إلا إذا طلبت ذلك، والهدف أن أتعلم الاعتماد على نفسي وأنفّذ ما يبدو صعبًا علي بكل سهولة. والدتي طبّقت ذلك أثناء في المدرسة التي درست فيها منذ سنواتي الأولى، فهي شدّدت على المدرّسات عدم مساعدتي إلا إذا طلبتُ ذلك، وأرشدتهم حول كيفية التعامل معي.”

الملهمة ريتا اسبر
ريتا اسبر أصبحت ملهمة لكل من يتعايشون مع فقدان أحد أطراف الجسم

تابعت ريتا إسبر “أصدقائي في المدرسة كانوا يحبّونني جدًا، ولكن ذلك لم يمنع تعرّضي للتنمر من قِبَل آخرين وهذا الأمر كان يجرح مشاعري، فكنت أبكي كثيرًا وأسأل الله لم وُلدت من دون يد. ولكن دعم والديّ أدّى دورًا كبيرًا بتعزيز ثقتي بنفسي، فوالدتي كانت تخبرني أن حالي هذا هو نعمة من الله، ولذا لا يجب أن أحزن لأني مميزة عن غيري.”

تكريم ريتا اسبر
كُرّمت ريتا إسبر أكثر من مرة بفضل نشاطاتها الداعمة

نعمة وليس نقمة

الولادة مع طرف مفقود في الجسم هو بالنسبة لريتا إسبر “نعمة وليس نقمة”، لأنّها ترعرعت في بيئة إيجابية، وقررت أن أزرع هذه الإيجابية في قلب غيرها، وتحديدًا من يمرون بتجربة مماثلة. وتقول :“هذه الحال التي ولدت فيها، جعلتني أدرك أكثر دوري في الحياة، وهو أن أدعم من هم مثلي، ومن ما زالوا في مرحلة يحتاجون خلالها للتشجيع.”

> إنني أنظر إلى الامور بإيجابيّة وقررت أن أساعد غيري من خلال زرع هذه الإيجابيّة في نفوسهم.

ريتا إسبر هي اليوم نائب الرئيس في منظّمة Bionic Family، حيث تؤدي دورًا بارزًا في دعم الأشخاص الذين وُلدوا مع اختلاف في الأطراف أو فقدوها جراء حوادث، وتشجيع بشكل خاص الأطفال ليتقبلوا ذاتهم ويحبوها. في هذا الإطار، تقوم إسبر بعدة نشاطات، الهدف من خلالها دعم هذه المنظّمة، ونشر الوعي تجاه الاختلاف في أطراف الجسم، ليندمج من يعانون من ذلك مع المجتمع بطريقة سهلة. 

ريتا اسبر في منظمة Bionic Family
تسعى ريتا إسبر من خلال Bionic Family إلى دعم من يشاركونها الميزة نفسها

فهي تحرص على تسليط الضوء على هذه الفئة من الأشخاص، لأنها ترى أنهم لا يختلفون عن غيرهم، إنما يمتلكون ميزة تتيح لهم القيام بأمور مختلفة عن التي يمارسها الآخرون، وبل أفضل، لأنّهم ينظرون إلى ما يبدو صعبًا عليهم، كتحدٍ عليهم أن ينجحوا بتنفيذه، حتى لو تطلّب ذلك منهم تنفيذها في فترة أطول وبطريقة مختلفة، فالأهم في النهاية النجاح والتفوق بذلك.

حوّلت الخجل إلى قوّة

أشارت ريتا إسبر في لقائها مع ياسمينة، إلى أنّها كانت تخجل من إظهار يدها في البداية، ولذا كانت تحاول أن تخفيها في الصور أو خلال إطلالاتها على أي من منصّات التواصل الاجتماعي. ولكن عندما لاحظَت أن من يلتقي بها في الحقيقة يتفاجأ، أدركت أنّها تكذب على نفسها وعلى من حولها، ولذا، قررت أن تكشف عن يدي للعلن، مع ابتسامة وإيجابية، لأن “هذه أنا وهذا ما أنا عليه، وما من أمر يدعو للشعور بالخجل أو الخوف”.

كانت ردّة فعل الآخرين عكس ما توقّعت ريتا إسبر، فهم لم ينظروا غليها بشفقة، بل على العكس، أحبوا الإيجابية التي تتميز بها، واليوم يُعجبهم ما تقوم به من نشاطات يعتقد الكثيرون أنها غير قادرة على تنفيذها. تقول بكل سعادة :“أنا أمارس رياضة التنس، ركوب الخيل، كرة السلة، التمارين الرياضية في النادي، وذلك كلّه بفضل إصراري على النجاح بكل ما أطمح لإنجازه، وبذلك، أنا أُلهم الكثيرين ممن يتابعونني.”

> أنا بيد واحدة، ولكنني أمارس رياضات عديدة مثل ركوب الخيل والتنس وكرة السلة.

وتتابع :“كذلك، أنا عارضة أزياء ذو طرف اصطناعي، وقد قررت أن أقوم بذلك بهدف نشر الوعي بشكل أكبر، خصوصًا في عالم الموضة، كي أشجّع كل الأشخاص، ليس فقط من لديهم اختلافًا في الأطراف، إنما كل الفتيات اللواتي لا يملكن ما يعتبره الآخرون من عناصر الجمال الأساسيّة. إذًا، أنا ملهمة لغيري على مختلف الصعد.”

ريتا اسبر بيد واحدة
تمارس ريتا إسبر مختلف الرياضات رغم أنها بيد واحدة

تتوجه ريتا إسبر بنصيحة ملهمة للآخرين، وهي“أحب نفسك وتقبّل ذاتك كي يتقبّلك الآخرون ويحبونك كما أنت”، مشيرة أن الطاقة تنبثق من ذات المرء، وأننا عندما نتقبل فكرة أن الله أعطانا نعمة لنكون ملهمين لغيرنا ونشجّع بعضنا البعض، وعندما ندرك أنه خلقنا كاملين، لا ينقصنا شيء، مع ميزة تتيح لنا القيام بأمور كما غيرنا، نكون أفضل، لأننا نملك الإصرار لكي نكون كذلك.

تشدد إسبر على ضرورة عدم الخوف أبدًا، وأن لا نفكر بكيف سيتعامل من حولنا معنا إذا رأوا أننا نختلف عنهم، إنما على العكس، علينا أن نُظهر لهم أننا أقوياء، لأننا بذلك سنشعر بالراحة وسيكون من حولنا مرتاحًا كذلك، ولن يشعرنا بأنه يتعاطف معنا. فكلنا ولدنا مختلفين ومميزين كي نساعد بعضنا، كي نُظهر السمة التي تميزنا عن غيرنا، وتجعل الآخرين يتذكروننا بسببها.

فخورة بأنني من دون يد!

ريتا إسبر هي اليوم فخورة بنفسها، وسعيدة بأنّها بيد واحدة وترى هذا الأمر نعمة أنعم الله بها عليها، وتبرّر ذلك بالقول :”أنا أحب أن يتذكرني الآخرون لأن لدي اختلافًا بطرف يدي، لأنني تمكنت من أن أغيّر طريقة تفكيرهم تجاه من أكون وما أستطيع القيام به. يجب أن نتقبّل ذاتنا ونحبها، وأن نكون أقوياء ونحب الحياة ونتعامل مع ما نواجهه بإيجابية، لأنّنا إذا بكينا وألقينا اللوم على ربنا ومن حولنا، لن نحقق أي أمر. علينا أن نساعد بعضنا الآخر لنحدّ من مشكلة التنمّر، فكلّنا نتميّز بصفاتنا وبجمالنا، ولا يمكن لأحد أن يُشعرنا بأننا مختلفين إذا عزمنا على حب أنفسنا.”

رسالتي إلى كل امرأة في يوم المرأة العالمي

المرأة هي أقوى إنسان على وجه الأرض، ولا يمكن لأي أمر أن يمنعها من تحقيق أحلامها لتكون ناجحة، وأنا أبرز إثبات على ذلك، ولأي شخص مثلي قد يشعر بأنه مختلف، أقول في إمكاننا أن نتخطى كل الصعوبات إذا كنا أقوياء. المرأة قادرة على تغيير العالم بإصرارها، وأنا فخورة لأنني ولدت أُنثى، وفخورة لأنني وُلدت باختلاف في طرف يدي، لأن ذلك جعلني أقوى وأتاح لي تحقيق أحلامي.

ختامًا، نذكّرك أن كثيرات ممّن يتميّزن بفقدان أحد الأطراف من الجسم، حققن النجاحات، ومن بينهن دارين بربر التي سردت قصتها لياسمينة، متحدّثة عن مسيرتها نحو تحقيق حلمها، من دون أن يؤثّر فقدان أحد رجليها على ذلك بطريقة سلبيّة.

تسجّلي في نشرة ياسمينة

واكبي كل جديد في عالم الموضة والأزياء وتابعي أجدد ابتكارات العناية بالجمال والمكياج في نشرتنا الأسبوعية