"نعيم"، إسم لامع في مجال الشعر وعنوان مميّز لكتاب كارولين كورم

كارول كور هي محرّرة لبنانية شابة لفتت أنظارنا إلى رجل نابغة يدعى "نعيم". خرّيجة جامعة هارفرد ومؤسّسة لدار النشر Darya Press) DaryaPress@). تحبّ كارول إبهار القرّاء وقد نجحت في ذلك في كتابيها السابقين، وها هي الآن تفتننا مجدّدًا بعملها الثالث، وهذه المرّة تمحور حول الخبير المبدع في "الهوت كوافير": نعيم. بـمجرّد قراءة المسودة، تطفو الكلمات ببلاغة وبصبغة من الحنين إلى الماضي، ممّا يجعلنا نتوق شوقًا إلى روعة أيّام الخمسنيات. فدعينا نكتشف سويًّا كتاب كارولين "Brush with history" فرشاة مع التاريخ.

ias

كيف مهّد عملك الصحافي إلى تأسيس دار داريا للنشر؟

ترعرعتُ في باريس، في منزل مليء بالكتب والمجلات. ومنذ الطفولة، أصبحت ملمّة بالأخبار، خصوصاً مع إندلاع الحرب اللّبنانية. بعد دراستي في الولايات المتحدة الأمريكية، كنت محظوظة جدًّا في الغوص في عالم الصحافة من خلال عملي في مكتب باريس لجريدة الـ New York Times. لازمت العمل هناك ثلاث سنوات قبل إنتقالي مجدّدًا إلى لبنان لأصبح محرّرة ثقافيّة في مجلّة ELLE Middle East. كما أصبحتُ مراسلة لبنان في مجلّة British Monocle.
ولكن للصحافة جانباً سريع الزوال، لهذا قرّرتُ سنة 2012 إنشاء دار Darya Press للنشر، المتخصّص بالسفر، التصميم والتاريخ. وتبيّن لي أنّ النشر هو خطوة طبيعيّة للتقدم.

طموحك الضخم غالبًا ما يكون وراءه رؤية تحثّه على التقدم، أطلعينا عن مصدر إلهامك؟

كلّ هذا لم يأت من عدم، ففي الواقع جدّي كان شاعرًا معروفًا، وهو أوّل من أنشأ داراً للنشر باللّغة الفرنسية سنة 1920، وكان لدار نشره برنامج تحرير واسع وهويّة تصويريّة مذهلة أوحيا لي الكثير. فقد ساهمتُ في كتابة دليلين، واحد عن لبنان والآخر عن دمشق. هذا ما دفعني أكثر إلى تأليف المزيد من الكتب، ولكن هذه المرّة، بتشديد أكبر على الهويّة الغرافيكيّة (لا يمكن الإستخفاف بشكل الكتاب وغلافه، وخصوصًا بوجود الـ e-book) وعلى المحتوى التحريري.

على ماذا يرتكز كتابك الأخير؟

كتابي الجديد هو كتاب طاولة قهوة، نصفه مذكّرة، والنصف الآخر ألبوم صور فنيّة عن نعيم، أحد أبرز مصفّفي الشعر إبداعًا في الشرق الأوسط. قد يكون موضوع الكتاب مفاجئاً ، ولكنّ نعيم يقدّم نافذة كبيرة عن صيحات الشعر للسنوات الـخمسين الماضية في المنطقة، التّي معظمها أصبحت طيّ النسيان. فهو أوّل من حضر أبرز المناسبات التّي هزّت المنطقة، كما أنّ حياته تقدّم منظور جديد وأصلي لتاريخ الشرق.

صور أبرز مراحل حياة "نعيم" وتصاميم الشعر التّي نفّذها

ماذا تستطعين إخبارنا عن نعيم وعن مهاراته الفنيّة الإبداعيّة؟

سمعتُ الكثير من القصص عن نعيم، وبخاصّة عندما إكتشفنا لاحقًا أنا ووالدتي أنّ جدّتي الأكبر – التّي كانت في زمنها سيّدة تتقن فنون اللّياقة – كانت تقصده. وعندما التقيتُ به، وشاطرني قصص حياته، أصبحتُ متأكّدة تمامًا أنّ هذا الرجل يستحق كتابًا. فلقد عمل على بعض حفلات القرن العشرين الأكثرضخامةً وغنى. ناهيك عن عدد لا يحصى من أعراس الأميرات وأبرز الشخصيات الإجتماعيّة (منهم العديد من الأميرات السعوديات، الدوقات الفرنسيات، بالإضافة إلى تامارا ملن، مؤسّسة Jimmy Choo).

إلتقى ببريجيت باردو، ألكسندر دو باريس، فاتن حمامة، وصباح التّي رافقها خلال جولتها في الشرق الأوسط، . في أواخر سنة 1960، أضافت مجلة House & Country صالونه في بيروت إلى قائمة أفضل صالونات العالم، إلى جانب صالون ألكسندر في باريس وفيدال ساسّون في لندن… ورغم شهرته وكثرة معارفه، ظلّ التواضع سمة "نعيم".

من كانت بين لائحة زبائنه الأكثر تردّدًا إلى صالونه؟

على مدى عقود، صفّف شعر الملكات أمثال ملكة مصر ناريمان، صاحبة السموّ الملكي أميرة مايكل أوف كنت التّي كانت زائرة دائمة لصالونه في لندن، كذلك أميرات من العائلات الملكيّة السعوديّة والإماراتيّة، كما رافقت أنامله إطلالات أجمل الأيقونات، مثل فاتن حمامه، ألراحلة سعاد حسني، كلوديا كاردينالي، أنيتا أكبرغ، جان سبرغ، ليندا كريستيان، جوان كولينز، صباح، فيروز، دام شيرلي باسي، إضافة إلى زوجات رجال السياسة في السعودية والكويت وسائر أنحاء العالم.

صور تكشف شعر النجمات العربيات الخفيف

إبداعاته الفنيّة في مجال الشعر عظيمة. بمن برأيك كان أكثر تأثرًا وما هي موديلات الشعر التّي أعاد ابتكارها؟

إبداعات "نعيم" الفنيّة في الشعر مدهشة! أغلبية موديلات قصّات الشعر التّي كانت توقع النساء في متاعب لمجرّد إعتمادها غير مسموع عنها اليوم، وأنا رغبت في إظهار ذلك، بالإضافة إلى صيحات الموضة في تلك الفترة. مع مرور الوقت، عرف نعيم بتسريحات الشعر المرفوعة شبه النحتيّة. هذا كان بالتزامن مع مقابلته الشخصيّة للأخوين كلاريتا وألكسندر دو باريس، الّذين يمثّلان الجيل السّابق له. وعندما كان في بداية إنطلاقته، أرسله زبون له من محبّي عمله إلى باريس ليتعلّم المزيد من أبرز مصفّفي الشعر. فيما بعد، أصبح شريك عمل مصفّفة الشعر الفرنسيّة المميّزة بشخصيّتها المرحة، كلود ماكسيم، فافتتحا صالونًا في باريس، في جادة جورج الخامس.

ما هي الصعوبات التّي واجهتك خلال بحثك عن هذه الصور؟

عندما بدأنا العمل على هذا المشروع، كشف لي نعيم عن حقيبتين كبيرتين من Louis Vuitton مليئتين بالصور الفوتوغرافيّة. ورغم الحرب والمنفى، إلّا أنّ نعيم تمكّن من الحفاظ على مئات من الصورالصحفيّة، والرسومات، والمقالات. وكانت تلك هي المصدرالهائل والأساسي في تأليف الكتاب. كما أنّنا سألنا بعض زبائنه إرسال الصور لنا، فساهم الجميع، ووصلتنا صور من ساو باولو، أبو ظبي، عمّان، باريس وبيروت.
إستعنا أيضًا بصور صحفيّة، بالأخصّ من أعداد قديمة لمجلّة L’Officiel، إضافةً إلى البطاقات البريديّة القديمة ومواد أرشيفيّة من الوقت الذي بدأ فيه نعيم عمله. سواء كان غلاف أسطوانة قديمة من سنة 1950، بطاقة فندق باريسيّة، بطاقة بريد من الكويت… كلّ هذه المواد ساعدتنا في إحياء القصّة.
أمّا ضمان حقوق الصور، فقد استغرق الكثير من العمل، لأنّه كان علينا التأكّد من عدم إنتهاك خصوصيّة أيّ شخص.

لما تعتقدين أنّه من المهمّ توثيق الشعر والجمال؟

أعتقد أنّه من المهمّ توثيق صيحات الشعر لأنّها تكشف الكثير عن الزمن التّي برزت فيه. بالنسبة لي، التكلّم عنها هو طريقة لاستعراض التاريخ الإجتماعي للشرق المتوسط في زمن كانت فيه في أوج تحرّرها وسحرها.

إسحري رفيقاتكِ بقصة شعر مبهرة!

هل بإمكانك إطلاعنا على مشاريعك المستقبليّة؟

لست متأكّدة بعد. كنت أتنقّل من كتاب إلى آخر أمّا الآن فأريد أن أركّز على تسويق هذه بالطريقة المناسبة قبل الإنطلاق إلى مغامرة جديدة. ولربّما، قد أطرح لاحقًا شيئاً مخصّصاً للأطفال، مزوّداً برسوم جميلة.

ما النصيحة التّي تعطينها للكتّاب الطموحين الّذين قد يكون لديهم قصص مثيلة لإخبارها؟

أعتقد أنّ هنالك الكثير من الشخصيات المماثلة لنعيم في الشرق المتوسط والّذين يستحقون أن تُروى قصّتهم. ليس فقط بداعي الحفاظ على ذكراهم بل لما تستحضره من طريقة تفكير، للقيام بأمور لم تعد موجودة…
لذا نصيحتي هي تدوين هذه القصص قبل فوات الأوان، فذاكرتنا في الشرق المتوسط ضعيفة، وأعتقد أنّها سبب وقوعنا في صعوبات كثيرة. يجب أن يكون لديك منظور على الماضي لكي تكون لديك رؤية إلى المستقبل. كما أنّ الأجيال المستقبليّة تكون مهتمة بهذه القصص.

في الواقع، أستهلّ الكتاب بقول من الكاتب التركي والحائز على جائزة نوبل Orhan Pamuk الّذي يقول شيئ من هذا المثيل:
"لسنا بحاجة إلى المزيد من المتاحف التّي تنشئ روايات تاريخيّة عن المجتمع ، والمنظمة، والفرق، والأمّة، والدولة، والقبيلة، والشركة، أوالأجناس البشرية. كلّنا نعرف أنّ قصص الأفراد اليوميّة والعاديّة أغنى بكثير، وأكثر إنسانيّة ومرحاً."

المصدر

Shoes & Drama

تسجّلي في نشرة ياسمينة

واكبي كل جديد في عالم الموضة والأزياء وتابعي أجدد ابتكارات العناية بالجمال والمكياج في نشرتنا الأسبوعية