المصور وليد شاه يصور المعاناة ليصل الى الشفاء في مشروعه "أرنا عيوبك"

من صور وليد شاه

من صور وليد شاه

من رحم معاناة شخصية إثر فقدان عزيز والدخول في حالة نفسية سيئة والحاجة الى طرح الأسئلة والعثور على أجوبة ولدت فكرة "أرنا عيوبك" للمصور وليد شاه. صور فوتوغرافية تعكس حقائق مجردة، مجردة من أي تجميل أو تعديل، واقعية الى حد الصدمة. معرض صور لشخصيات تخبر قصصها المؤلمة علّها تجد بعض الراحة في مشاركتها مع الآخرين أو تكون مصدر عزاء لهم.

ias

عن هذا المشروع يخبرنا المصور وليد شاه قائلاً " تتغير نظرتي الى مشروعي مع الوقت، اليوم أقول "عندما ترى مصيبة الاخرين تهون عليك مصيبتك". كلنا يعاني من مشكلة معينة بغض النظر عن حجم هذه المشكلة، فالأمر نسبي، ولكن عندما تتعرف على مشاكل الاخرين فإن ذلك يمنحك بعض العزاء بأنك لست الوحيد الذي يتخبط في مشاعره وأن هناك من يحمل أعباء تفوق اعباءك مما يجعلك ممتن، إنه نوع من الشفاء. أطلعي على مؤسسات دبي وجمعيّاتها الخيريّة التي تحارب الكورونا بملايين الدولارات.

المصور الفوتوغرافي وليد شاه
المصور الفوتوغرافي وليد شاه

أنا مصور وأعبر عن نفسي من خلال صوري، وهناك مقولة في مجالنا الفوتوغرافي تقول: "الكاميرا تسمح لك ان تكون في المكان الذي لا يجب أن تكون فيه عادة، ومن هذا المنطلق استطعت أن أدخل الى العوالم الدفينة لأشخاص آخرين وأسبر أغوار قصصهم." عادة يكتفي المصور الفوغرافي بالصورة ليخبر قصة ما، أما وليد وفي مشروعه "أرنا عيوبك" لم يكتف بذلك بل الحق الصورة بنصوص طويلة تسرد وقائع اليمة. وعن ذلك يخبرنا: "لدي العديد من الاصدقاء الموسيقين والمغنين ودائما ما أطلب منهم البوم ولا أشعر بالاكتفاف من أغنية واحدة، أعشق الأفلام الطويلة، لا أحبذ أبدا الطريق المختصر وأميل الى الانماط الطويلة، فهي التي تحفر في الذاكرة ولا تمر مرور الكرام في ذهنك وقلبك. أردت أن تصل الرسالة وترسخ في العقول، أردت أن اسرد تفاصيل كي يستطيع المتلقي أن يتفاعل مع الشخصية. لا أحبذ الفيديو، أعشق التصوير الفوتوغرافي وأهوى الكتابة، وهكذا أردت لمشروعي أن يكون. وبالمناسبة تعرفي على سعودية التقطت أكثر من 500 صورة للحرم الشريف.

أرنا عيوبك للمصور وليد شاه
أرنا عيوبك للمصور وليد شاه

عرضت صور وليد في معارض عدة في الامارات اثنين منهم ما زالا قائمين في دي ثري وفي الكوز، بالإضافة الى أنها موجودة على موقعه الألكتروني. يشرح وليد: "أخترت أن يكون إعداد المعارض بسيطاً، مجرد صورة والى جانبها القصة الكاملة للشخصية والتي تخبر معاناتها. مجرد بوسترات من 90 سنتم من دون إطار أو أي فذلكات إضافية. وعن كيفية تقبل الجمهور لمشروع جريء كهذا كسر فيه المصور الصور النمطية والتقاليد الاجتماعية والتابو يخبرنا وليد:" الغريب أن أغلبية التعليقات وردات الفعل كانت إيجابية وقد تم تقدير العمل وتأثر الجمهور بقصص الشخصيات ولمست مشاعرهم ولم أتلقى أي تعليق سلبي على المنصات الألكترونية، أما في المعارض فلم أشهد شخصيا على أي نقد سلبي ولكن أخبرني أصدقائي أن بعض الأشخاص كانوا يصدمون بالصور المعروضة ويرفضونها تحت مسمى "العيب" ولكن بعد قراءة القصة كانوا يعبّرون عن إعجابهم. في مجتماعتنا العربية أصبحنا نتقبل الإختلاف وأصبحت المواضيع "المحرمة” مطروحة أكثر عبر المنصات الالكترونية المختلفة. أصبحنا أكثر انفتاحاً وتقبلاً للآخر فالجيل الجديد يعيش عصر العولمة والانفتاح وتقبل الاخر."

أرنا عيوبك للمصور وليد شاه
أرنا عيوبك للمصور وليد شاه

تأثير مواقع التواصل الاجتماعي تغير خلال السنوات الأخيرة، اليوم أصبح المحتوى يعبر عن حقيقة الانسان أكثر. في الماضي كان المحتوى معلّب بحسب ما تريد وسيلة الاعلام التسويق له وكان هناك تركيز على مواضيع محددة توصل من خلالها رسائل الى الجمهور ليكون أفضل وكأنهم يقولون إنك لست جيداً بما فيه الكفاية،أنت بحاجة للتجميل والشباب وخسارة الوزن ألخ… وكانت كافة الوسائل تطرح المواضيع نفسها. اليوم تغير الأمر وكل حساب على مواقع التواصل الاجتماعي أصبح وسيلة اعلامية ويستطيع صاحبه أن يعبر عن رأيه ويتشاركه مع الجماهير بصدقية ودون تلميع، وعلى أساس التفاعل الجماهيري الكبير يتحول هذا المحتوى الى مادة لوسائل الاعلام، وهنا يمكنك تعلم قواعد احترام خصوصية الاخرين.

أرنا عيوبك للمصور وليد شاه
أرنا عيوبك للمصور وليد شاه

عن مدى صعوبة التوصل الى اقناع الاشخاص المتألمين نشر صورهم وإخبار قصصهم الحميمة، يكشف لنا المصور:" كان الامر صعباً جدا في البداية وبدأت بالبحث الحثيث عبر اصدقائي ومعارفي. ولكن بعد أن جمعت أول عشرة اشخاص وقبل أن أنشر الاعمال حتى بدأ التداول في مشروعي في المجتمع وانتشرت الفكرة. لم أكن أتوقع الإقبال الكبير على هذا المشروع. اعتمدت أسلوباً محدداً فكنت أتفق على موعد مع الشخص المرشح دون أن أسأله عن قصته. كنت أطلع عليها خلال حوارنا، اسجله واكتبه لاحقاً. كانت القصص مؤثرة جدا وشخصية جدا فبعض الاشخاص وبعد عرض قصصهم وصورهم طلبوا الغاءها والانسحاب من المشروع، كما ان بعض القصص أراد أصحابها إبقاء بعض التفاصيل الحميمة والشخصية لهم وعدم مشاركتها وهذا حقهم، ولأكون صريحا وشفافا ما لم يتم ذكره هو ما يتعلق بالاعتداء الجنسي فمعظم الحالات كانت عرضة لتحرش او تعد في مرحلة ما من حياتها.

> رسالتي الاساسية للأهل: كونوا منفتحين مع أولادكم، اسمعوهم واسمحوا لهم بالتعبير عن مشاعرهم ولا تحملوهم ذنب أو تتستروا على اي حادثة حصلت معهم خوفاً من المجتمع، أولادكم أولوية اعطوهم مساحة للتعبير وكونوا الى جانبهم مهما حصل. التحرش في مرحلة الصغر كان عاملا مشتركا بين الاكثرية، وهنا يأتي دور الاهل ليدركوا أهمية الحوار والتصرف ومساعدة الطفل لتخطي ذلك وعدم تحميله الذنب بما يترك اثرا سلبيا في حياته المستقبلية.

من القصص التي تركت أثرا كبيرا فيّ هي قصة ساره التي تعرضت لاعتداء جنسي في سن المراهقة وعندما أخبرت والدتها حملتها المسؤولية لانها ذهبت الى الحفلة وطلبت منها التكتم عن الموضوع، لم تكن أمها متفهمة وهذا ما أثر على ساره وعلى ثقتها بالناس وبنفسها وغير مجرى حياتها. المؤثر في ذلك أن إحدى صديقات ساره اتصلت بها بعد أن شاهدت صورتها وقرأت قصتها وأخبرتها أنها واجهت المشكلة نفسها ولكنها اختارت أن تحتفظ بالسر لنفسها ولم تخبر أحدا.

أرنا عيوبك للمصور وليد شاه
أرنا عيوبك للمصور وليد شاه

وعن التقنية التي اعتمدها المصور في مشروعه يقول: عادة صوري أكثر تعقيدا واستعمل تقنيات عدة في الاعلانات والصور التجارية أما في "أرنا عيوبك" فقد أردت أن أنقل الواقع بكل تفاصيله دون تغيير أو تجميل. لا مكياج ولا فوتوشوب، الصورة بالأسود والأبيض مع استعمال ضوء واحد فقط لأنقل الحقيقة المجردة.

كان تأثير المشروع قويا جدا عليّ شخصيا خاصة خلال مرحلة التحضير ومقابلة الاشخاص والاستماع الى قصصهم كنت استنزف كل طاقتي بالاستماع الى اكثر من 3 حالات يومياً وخلال فترة 4 الى 5 اشهر قابلت اكثر من 50 حالة وكانت هذه الجلسات بمثابة علاج نفسي لي.

أرنا عيوبك للمصور وليد شاه
أرنا عيوبك للمصور وليد شاه

اعتاد وليد كسر الصور النمطية فبعد مشروعه "أرنا عيوبك" قرر أن يكسر النمطية لأغلفة المجلات فابتكر مشروع " كوفر ماغازين" وطرح مواضيع بطريقة ساخرة عادة لايمكن قراءتها على أغلفة المجلات مع الاحتفاظ بصورة فنية ابداعية، وعن هذا المشروع يخبرنا وليد قائلا: " بعد أن تخطيت مرحلة صعبة من حياتي بدأت أعود الى طبيعتي، فأنا شخص يحب المزاح والنقد الساخر وأردت أن انقل رأيي من خلال أعمالي. يستفزني المصور الذي يتباهى أنه صور غلاف مجلة كذا أو كذا وعندما ترى الصورة تجدها فارغة لا محتوى ولا موضوع ولا تمنحك أي جديد، من هي هذه الشخصية التي تحتل الغلاف؟ ما تأثيرها على المجتمع؟ شخصيات فارغة في بعض الأحيان لا أعرف لما نساعدهم ليصبحوا أكثر شهرة! في البداية ترددت حرصا مني على أن لا يوثر ذلك على عملي مع المجلات ولكن بعدها قررت أن أنطلق بالمشروع. مشروعي اسمه "غلاف مجلة" مجلة من دون محتوى غلاف فقط. هو مشروع مستمر ومنصة تعبر عن أفكاري وعما أريد قوله وبطريقتي الساخرة.

ختاما في هذه المرحلة التي نمر بها انصح الجميع بالاستفادة من الحجر المنزلي وأخذ قسط من الراحة والاستمتاع قدر الامكان لأن الأيام الجيدة آتية وسوف يتضاعف العمل في شتى المجالات وسنعوض الوقت الذي نمضيه الان في البيت.

تسجّلي في نشرة ياسمينة

واكبي كل جديد في عالم الموضة والأزياء وتابعي أجدد ابتكارات العناية بالجمال والمكياج في نشرتنا الأسبوعية